رئيس الجمهورية يؤكد التزام بلادنا بمخرجات القمة الدولية الرابعة حول تمويل التنمية

أكد فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، دعم الجمهورية الإسلامية الموريتانية الكامل لمخرجات القمة الدولية الرابعة حول تمويل التنمية، واستعدادها للإسهام في تنفيذ التوصيات الصادرة عن القمة وما تسفر عنه من التزامات.

وعبر فخامته، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4)، الذي انطلق صباح اليوم الاثنين في إشبيلية بإسبانيا، عن تثمينه للجهود المقدرة التي تبذلها الأمم المتحدة وكافة وكالاتها المتخصصة في سبيل تنفيذ خطة عمل أديس أبابا 2015، والتزامات ميثاق المستقبل 2024، لاسيما ما يتعلق منها بترقية روح الشراكة والتضامن وتعزيز التعاون متعدد الأطراف لتهيئة بيئة مواتية للتنمية المستدامة وإصلاح نظام الحكامة المالية الدولية لإيجاد أنجع السبل لتمويل التنمية بنحو يكون أكثر فعالية وإنصافا واستدامة.

وأضاف أن هذا المؤتمر يشكل فرصة ثمينة لإحراز تقدم معتبر تحتاجه البلدان النامية نظرا لتنوع وجسامة التحديات التي تعيق مسيرة بناء تنمية مستديمة شاملة ومتوازنة.

وفيما يلي كلمة فخامة رئيس الجمهورية خلال المؤتمر:

“بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبيه الكريم

السيد رئيس الحكومة الاسبانية، رئيس المؤتمر؛

أصحاب الفخامة؛

أصحاب المعالي؛

السيد الأمين العام للأمم المتحدة؛

السيدات والسادة الحضور؛

يسعدني بداية أن أتوجه بجزيل الشكر إلى صاحب المعالي السيد بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الاسبانية على الدعوة الكريمة وعلى ما أحطنا به من فائق عناية وعظيم تقدير.

كما يطيب لي الإعراب عن تثميننا العالي للجهود المقدرة التي يبذلها صاحب المعالي انتونيو غوتوريش، وكافة الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة في سبيل تنفيذ خطة عمل أديس أبابا 2015 والتزامات ميثاق المستقبل 2024، لاسيما ما يتعلق منها بترقية روح الشراكة والتضامن وتعزيز التعاون متعدد الأطراف لتهيئة بيئة مواتية للتنمية المستدامة وإصلاح نظام الحكامة المالية الدولية لإيجاد أنجع السبل إلى تمويل التنمية بنحو يكون أكثر فعالية وإنصافا واستدامة.

وإن انعقاد هذه النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي لتمويل التنمية ليشكل فرصة ثمينة لإحراز تقدم معتبر على هذا المستوى تحتاجه اليوم بلداننا النامية والعالم عموما أكثر من أي وقت مضى نظرا لتنوع وجسامة التحديات التي تعيق مسيرة بناء تنمية مستديمة شاملة ومتوازنة.

أصحاب الفخامة والمعالي،

أيها السادة والسيدات،

إن ما يعيشه عالمنا خاصة البلدان النامية من انتشار للفقر والهشاشة، وضعف البنى التحتية، ونقص النفاذ إلى الخدمات الأساسية، وتنامي العنف والإرهاب، وتعدد بؤر النزاع والحروب، وتدهور الوضع البيئي العام للكوكب، لمؤشر جلي على ضآلة أمل الوصول إلى أهداف التنمية المستديمة في الأفق المنظور إذا ما استمرت المقاربات على ما هي عليه.

فتحقيق هذه الأهداف يحتاج تعبئة موارد هائلة، والتمكين من النفاذ إليها بنحو سلس منصف وفعال، ولذا بذلت بلادنا، على غرار معظم البلدان النامية، جهودا كبيرة في تحسين مستوى تعبئة الموارد الذاتية بتصنيف جل أنشطة القطاع الموازي، وتعزيز رقمنة الاقتصاد، وترقية القطاع الخاص، وتنمية الأسواق المالية، وتحسين حكامة النظام الضريبي.

غير أن الموارد التي يمكن للدول النامية تعبئتها ذاتيا مهما بلغت لا تلبي إلا جزءا يسيرا من حاجتها الانمائية المتعاظمة، فالمعول عليه في المقام الأول ليسد هذه الفجوة هو التمويل الخارجي الذي يظل للأسف شحيحا مجحفا وغير منصف.

ووعيا منها بذلك، عملت معظم البلدان النامية على إحراز الشروط الضرورية لجلب الاستثمارات الخارجية من ترسيخ دولة القانون، وتعزيز الشفافية، ومحاربة الفساد، وتحسين مناخ الأعمال، إلى توفير العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة. بيد أن آليات تمويل التنمية في النظام المالي الدولي القائم لا تساعد، ويتجلى يوما بعد آخر عجزها عن الاستجابة الفعالة للحجم المتزايد للمواد التي تحتاجها التنمية المستدامة المتوازنة.

فلا تزال نسبة المساعدة الإنمائية الرسمية إلى الناتج الداخلي الخام العالمي دون الهدف المتفق عليه دوليا والمحدد ب 0,7%، كما لا تزال مشكلة المديونية في تعاظم مضطرد، وشروط الحصول على القروض مجحفة، والنفاذ إلى التمويل غير منصف ولا متوازن.

ولا يخفى أنه لا أمل في قيام التنمية في بلد نام إذا ظل ينفق على سداد الدين أكثر مما ينفق في التعليم والصحة والخدمات الأساسية ويكلفه الاقتراض أضعاف ما يكلفه الدول المتقدمة.

لا بد إذن من تعزيز التعاون المتعدد الأطراف، بنحو يجدد الثقة والتضامن بين الشعوب والبلدان، لإيجاد حلول تسد فجوة التمويل التنموي من خلال إصلاح الحكامة المالية الدولية، وزيادة مساعدة الإنمائية الرسمية، وإعادة هيكلة المؤسسات المالية الدولية، وإلغاء أو إعادة هيكلة ديون هذه الدول على نحو يخلق الحيز المالي الضروري لاستثمارات أكثر استدامة.

ومن ثمَّ يجب علينا اعتماد آليات تمويل مبتكرة، وخلق شركات قوية تناسب التعقيدات المتزايدة للمشهد التنموي العالمي، وتعوض التراجع في فرص التمويل التقليدية. هذا ما تمليه علينا مسؤوليتنا الجماعية اتجاه مستقبلنا المشترك، وتقضي به حاجتنا المصيرية إلى انتشال كوكبنا من الضياع، وبناء تنمية مستديمة شاملة توفر الأمن والازدهار لكل شعوب العالم.

ولذا فإننا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، نجدد التأكيد على كامل دعمنا لمخرجات هذه القمة الدولية الرابعة حول تمويل التنمية، واستعدادنا للإسهام في تنفيذ توصياتها وما تسفر عنه من التزامات ضمن تعهد اشبيلية بروح من الجدية والمسؤولية والتعاون البناء.

وأشكركم”.