أشرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الجمعة من بلدية العرية بولاية اترارزة، على تدشين مشروع توسعة وتطوير المعهد الوطني في مجال الصحة العمومية.
ويأتي إنشاء هذا الصرح البحثي والمخبري المتقدم، في إطار تجسيد الرؤية الشاملة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لتحديث المنظومة الصحية في بلادنا، وتطوير القدرات الوطنية في البحث والتشخيص والمراقبة الوبائية.
وتبلغ التكلفة المالية للمشروع، الذي يعد ثمرة للتعاون البناء بين بلادنا وجمهورية الصين الشعبية، 74.200.000 أوقية.
وتضم هذه المنشأة الصحية الهامة، 162 مرفقا، من بينها 40 مختبرا من المستوى الأول للسلامة البيولوجية (P1) (BSL-I)، و4 مختبرات من المستوى الثاني BSL-II (P2)، ومخبر من المستوى الثالثBSL-III (P3) وهو الأول من نوعه في البلاد، وأحد أندر المنشآت المتخصصة في شبه المنطقة. وتحتوي هذه المختبرات على تجهيزات تقنية متقدمة تشمل منصات لتحليل جودة المياه والأغذية باستخدام أحدث التقنيات الفيزيائية والكيميائية، مثل أجهزة التحليل عالية الأداء، وغيرها من التقنيات المتقدمة، كما تتوفر على منصات متخصصة في تشخيص الأمراض المعدية، من ضمنها أجهزة PCR بمختلف أنواعها، وأجهزة الرحلان الكهربائي لتحليل البروتينات، ومحللات الكيمياء الحيوية، وأجهزة المطيافية، وقارئات تقنية الإليزا، إضافة إلى المجاهر المتخصصة في التحاليل الجرثومية والطفيلية.
ويضم مبنى المعهد أيضا 40 مكتبا، و5 قاعات دراسية وتدريبية تتسع كل منها لـ 70 شخصا، و4 قاعات متعددة الوظائف، وقاعتين تتسع كل منهما لـ 20 شخصا لاجتماعات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة، ومسجدا ومطعما.
وسيوفر هذا الصرح البحثي حلولا فعّالة في الكشف المبكر عن الأمراض، وتعزيز سلامة المياه والأغذية، ودعم مكافحة الأمراض الكبرى، مما يجعله ركيزة مهمة لترسيخ السيادة الصحية وحماية صحة المواطنين.
وفي كلمة بالمناسبة، أوضح معالي وزير الصحة، السيد محمد محمود ولد اعل محمود، أن هذا الإنجاز الهام يتنزل في صميم تنفيذ الرؤية الاستراتيجية النيرة لفخامة رئيس الجمهورية، الرامية إلى إرساء دعائم سيادة صحية مستدامة، قادرة على حماية المواطن، وصياغة حاضر صحي رفيه، ومستقبل صحي آمن، قوامه المعرفة والكفاءة والجاهزية.
ولفت إلى أن فخامة رئيس الجمهورية، وجه منذ توليه قيادة البلاد بالنهوض بقطاع الصحة، وفق رؤية استراتيجية متعددة الأبعاد، تتوخى الارتقاء بالمنظومة الصحية إلى المستوى الذي يضمن ولوج المواطن إلى خدمات صحية عالية الجودة، مبرزا أنه كان من ضمن الأهداف المرسومة تعزيز اليقظة الوبائية، وتطوير البنى المخبرية، وإرساء قواعد نظام صحي قادر على الاستجابة الفعالة للطوارئ والأوبئة.
واعتبر أن هذا التدشين يشكل ترجمة عملية للتوجيهات السامية، وتنفيذا للبرنامج الانتخابي “طموحي للوطن”، كما أنه يتضافر مع إنجازات سابقة شهدتها السنوات الست الماضية تدعم تحقيق السيادة الصحية، وتعزز من قدرات المنظومة الوطنية، والتي منها استحداث المركز الوطني لمواجهة طوارئ الصحة العمومية، الذي هو ذراع المنظومة الصحية لمواجهة الطوارئ، وتقوية نظام الرقابة، وتعزيز قدرات الرصد والتدخل المبكر واستشراف المخاطر الصحية.
وشكر جمهورية الصين الشعبية الصديقة، التي قامت ببناء وتجهيز هذا الصرح الصحي الحديث في إطار شراكة استراتيجية تجمع موريتانيا والصين منذ عقود، وتجسد نموذجا يحتذى به في التعاون البناء والشراكة المثمرة، وهي شراكة تقوم على الثقة المتبادلة، والدعم المتواصل للمنظومة الصحية الوطنية.
وأوضح أن الفترة الأخيرة شهدت نقلة نوعية في مسار المعهد الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية، من أبرز محطاتها، إطلاق مركز البيولوجيا الجزيئية، والاعتراف بالمعهد كمركز وطني للإنفلونزا (NIC)، حيث منحته منظمة الصحة العالمية الاعتراف الرسمي كمركز وطني للإنفلونزا، ضمن النظام العالمي GISRS، لافتا إلى أن هذا الإنجاز جاء نتيجة للالتزام الصارم بمعايير الجودة، وكفاءة الطواقم، ودقة التشخيص والأرشفة، واجتياز تقييمات الجودة الدولية بنجاح، هذا إضافة لحصول المعهد على شهادة دولية للتميز في التشخيص المخبري من مركز الحماية الصحية في منطقة هونغ كونغ، بعد تحقيقه الدرجة الكاملة في البرنامج الدولي للتقييم الخارجي للجودة 2024، معتبرا أن هذه الشهادات الدولية مجتمعة تمثل دليلا واضحا على تطور المنظومة المخبرية، وعلى الرفع من قدرة بلادنا في رصد الأوبئة ومواجهتها بكفاءة وفعالية.
ومن جانبه بيّن رئيس جهة اترارزه، السيد محمد ولد الشيخ، أن تطوير المعهد الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية يترجم بوضوح حرص فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على تطوير قطاع الصحة وتعزيز البحث العلمي في البلد.
وأضاف أن فخامة رئيس الجمهورية جعل من صحة المواطن الموريتاني محورا للسياسات العمومية، حيث ركز في برنامجه الانتخابي طموحي للوطن على تحسين الخدمات الصحية وتحديث بنيتها التحتية.
وأشار إلى أن تأسيس هذا المعهد يشكل خطوة عملية مهمة في بناء منظومة صحية قادرة على مواجهة التحديات، ومواكبة التطور العلمي، ودعم الكفاءات الوطنية.
وأكد أن اختيار ولاية اترارزه لاحتضان هذا الصرح الوطني العظيم يعكس ثقة الدولة في الولاية، ويجسد رؤية للتنمية المتوازنة بين مختلف ولايات الوطن.
وبدوره قال عمدة بلدية العرية، السيد السالك ولد بنبه، إن هذا الصرح الصحي يعد مكسبا وطنيا ودعامة أساسية للمنظومة الصحية، وخطوة مهمة في تعزيز قدرات البلد في مجال البحث والتشخيص ومعالجة الأوبئة.
وأضاف أن بلدية العرية تُعد دليلا على اهتمام فخامة رئيس الجمهورية بالتنمية المتوازنة، حيث يتجلى ذلك من خلال برنامج طموحي للوطن الذي مكّن من وصول الخدمات الضرورية للمواطنين في البلدية.
وشكر عمدة بلدية العرية فخامة رئيس الجمهورية على البرنامج الاستعجالي للتنمية المحلية الذي استفادت منه البلدية، والذي سينعكس في شكل مشاريع خدمية هامة سيكون لها أثر مباشر على الحياة اليومية للمواطنين.
كما طالب عمدة البلدية بإنشاء ملعب ودار للشباب جنبا إلى جنب مع هذه المعلمة الصحية المدشّنة اليوم.
من جهته أوضح سعادة السفير الصيني المعتمد لدى موريتانيا، السيد تانغ زهونغ دونغ، أن تدشين المعهد الوطني للبحوث في مجال الصحة العمومية، والذي تم تشييده بمساعدة من الصين، يعتبر ثمرة من ثمار التعاون البناء بين البلدين.
وهنأ نيابة عن الحكومة الصينية، موريتانيا، حكومة وشعبا، معبرا عن شكره لفخامة رئيس الجمهورية على حضوره وتدشينه شخصيا لهذا الصرح الهام.
وأضاف أن الصداقة بين موريتانيا والصين، تتجاوز المسافة الجغرافية وتتوارث جيلا بعد جيل، موضحا أن هذا العام يصادف الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا والصين، مشيرا إلى أن قائدي البلدين، فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وفخامة الرئيس الصيني السيد شي جين بينغ التقيا ثلاث مرات خلال العامين الماضيين، وتوصلا إلى العديد من التوافقات المهمة، حيث تمت ترقية العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية، مما رسم المخطط الجديد وحدد اتجاهات جديدة للتعاون الودي بين الدولتين.
وقال إن هذا المعهد الجديد يعتبر أحدث إنجاز لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه قائدي البلدين، كما يأتي لتعميق التعاون الثنائي،
وجرى حفل التدشين بحضور معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي، ومعالي الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ومعالي الوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، ومعالي الوزيرين المستشارين برئاسة الجمهورية وأعضاء الحكومة ووالي اترارزة ومنتخبي ولاية اترارزة والسلك الدبلوماسي المعتمد لدى بلادنا.

