رئيس الجمهورية يضع الحجر الأساس لبناء أول محطة هجينة في البلاد بقدرة 220 ميغاوات

وضع فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء اليوم الخميس في مقاطعة توجنين بنواكشوط الشمالية، الحجر الأساس لأول محطة هجينة في البلاد بقدرة 220 ميغاوات، وذلك في إطار الفعاليات المخلدة للذكرى الخامسة والستين لعيد الاستقلال الوطني.

وتابع فخامة رئيس الجمهورية عرضا فنيا حول هذه المحطة، تضمن قدرتها الإنتاجية، وآجال تنفيذها، إضافة إلى مساهمتها في تعزيز ولوج المواطنين لهذه الخدمة الحيوية، وذلك قبل أن يقوم فخامته بوضع الحجر الأساس وإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، إيذانا بانطلاق الأشغال وبدء تنفيذ هذا المشروع الهام.

وفي كلمة له بالمناسبة، أوضح معالي وزير الطاقة والنفط، السيد محمد ولد خالد، أن وضع فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم، الحجر الأساس لمحطة كهربائية جديدة تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تشكل خطوة لتجسيد رؤيته الطموحة الرامية إلى ضمان السيادة الطاقوية الوطنية وتحديث منظومتي إنتاج وتوزيع الكهرباء، استجابة لحاجيات المواطنين ودعما لمسار التنمية والرخاء.

وقال إن المقاربة التي اعتمدتها الحكومة والقائمة على إشراك القطاع الخاص لأول مرة في مجال إنتاج الكهرباء، تمثل خطوة جادة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، موضحا أن هذه المقاربة تتجسد اليوم من خلال إطلاق مشاريع هيكلية كبرى، سواء في مجال الطاقات المتجددة أو عبر استغلال الغاز، وفق نظام المنتج المستقل للطاقة وطبقا لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وأضاف أن قطاع الطاقة، تنفيذا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية، يواصل العمل على إنجاز مشاريع هيكلية، من بينها بناء محطة بقدرة 72 ميغاوات سترفع الطاقة الإنتاجية للمحطة المزدوجة في شمال نواكشوط من 180 إلى 252 ميغاوات أي بزيادة قدرها 40%، إضافة إلى محطة باندياكو بقدرة 225 ميغاوات تعمل بغاز حقل السلحفاة الكبير “آحميم” بالشراكة مع القطاع الخاص، والتي توجد حاليا في مرحلة التفاوض مع المشغل، وكذلك محطة بقدرة 300 ميغاوات تعمل بغاز حقل بندا بالشراكة مع القطاع الخاص وهي الآن في مرحلة تعبئة التمويل، فضلا عن المحطة الهجينة بسعة 220 ميغاوات، التي وضع فخامة رئيس الجمهورية حجرها الأساس اليوم.

وذكر معالي الوزير أن القطاع ينفذ حاليا البرنامج الاستعجالي لمدينة نواكشوط والبرنامج الاستعجالي لتعميم النفاذ إلى الخدمات الأساسية للتنمية المحلية، بالتوازي مع العمل على بناء وتطوير الشبكة الوطنية عالية الجهد لنقل الكهرباء، من خلال إنجاز خط الجهد العالي نواكشوط – ازويرات الذي سيدخل الخدمة خلال الأشهر المقبلة، وخط الجهد العالي نواكشوط – النعمة المعروف ب “خط الأمل الكهربائي” حيث بدأت الوزارة إطلاق المناقصات المتعلقة به.

وأشار إلى أن القدرة الإنتاجية والتوزيعية الوطنية ستتضاعف عند اكتمال هذه المشاريع، مؤكدا أن البلاد ستشهد لأول مرة زيادة بهذا الحجم وفي أجل قياسي.

وقال إن موريتانيا تدخل اليوم عهدا جديدا في مجال إنتاج الكهرباء وفق أفضل الأسس والمعايير، عهدا ستلعب فيه الطاقة دورها الكامل كرافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية، ومحفزا للصناعات التحويلية، مشيرا إلى أن هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا رؤية فخامة رئيس الجمهورية الاستراتيجية الواضحة، والدعم المتواصل الذي يوليه لقطاع الطاقة.

من جانبها، أوضحت رئيسة جهة نواكشوط، السيدة فاطمة بنت عبد المالك، أن هذا الإنجاز النوعي يترجم عمليا تعهدات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الرامية إلى تعزيز أمن الطاقة، وترسيخ الانتقال التدريجي نحو الطاقات المتجددة، بوصفها خيارا استراتيجيا، لمستقبل البلاد.

وأضافت أن هذا المشروع إلى جانب ما تحقق خلال السنوات الأخيرة من مشاريع تنموية كبرى، يأتي ليجسد رؤية واضحة المعالم، قوامها العمل الجاد، والاستثمار في البنى التحتية، وجعل المواطن محور السياسات العمومية، إضافة لكونه يندرج ضمن الديناميكية المتواصلة التي يعرفها البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة نواكشوط بما يحمله من حلول عملية ورؤية متكاملة للنهوض بالعاصمة وتعزيز دورها التنموي.

وقالت إن هذا المشروع يمثل إضافة نوعية للمنظومة الطاقوية الوطنية، لما له من أثر مباشر في تحسين استقرار التزود بالكهرباء، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع جودة الحياة، فضلا عن مساهمته في ترسيخ أسس التنمية المستدامة، عبر اعتماد الطاقات النظيفة كخيار وطني ثابت.

وأشارت إلى أن جهة نواكشوط، إدراكا منها لأهمية الطاقات المتجددة في تحسين مستوى معيشة المواطنين، عملت على تنفيذ تدخلات نوعية شملت تركيب 665 عمود إنارة عمومية تعمل بالطاقة الشمسية، في عدد من الأحياء الطرفية في المدينة بما أسهم في تعميم الإنارة وتعزيز أمن السكان وتحسين إطارهم المعيشي، إضافة إلى توزيع أطقم شمسية على الأسر لتزويد مساكنهم بالطاقة النظيفة وتمكينهم من استخدام التجهيزات الكهربائية الأساسية.

وكان عمدة بلدية توجنين السيد أحمد سالم ولد الفيلالي، قد أوضح في كلمة، قبل ذلك، أن هذه المحطة الهجينة ستسهم في حل مشكلة الكهرباء مع تثمين الموارد المحلية المتجددة لإنتاج طاقة نظيفة، مما يجعلها نموذجا إقليميا للانتقال الطاقوي عبر مقاربة جديدة تنتهجها الحكومة لتوفير الكهرباء عبر إشراك القطاع الخاص في إنشاء البنى التحتية الكهربائية.

وقال إن ما تحقق من مشاريع كبرى شملت التعليم والصحة والماء والكهرباء والتجهيز وعصرنة الإدارة والتنمية المحلية والبنى التحتية وغيرها من مختلف المجالات هي أصدق شاهد على أن طموح فخامة رئيس الجمهورية للوطن ليس مجرد برنامج انتخابي ينتهي بانتهاء الحملة، وإنما هو خطة عمل ومشروع بناء وضع خطوطه العريضة ووقف على أدق تفاصيل تنفيذه، وسهرت الحكومة على تنفيذه حتى تحول من برنامج إلى واقع.

وأوضح أن دولة المواطنة التي عمل فخامة رئيس الجمهورية على تحقيقها منذ توليه مقاليد الحكم بدأت تتجسد واقعا ملموسا يعيش الجميع في ظله، بعد أن أرسى فخامته دعائمها حين جعل من التشاور سنة ومن تهدئة الأجواء بين مختلف الفرقاء قاعدة ومن تذويب الفوارق الطبقية بين أبناء الشعب منهجا.

وتتميز هذه المحطة بهندسة فنية تجمع بين مصادر متعددة للطاقة، تشمل محطة شمسية كهروضوئية بقدرة 160 ميغاوات، ومحطة طاقة رياح بقدرة 60 ميغاوات، ونظام تخزين بالبطاريات يوفر 370 ميغاوات ساعة، ستمكن من إنتاج منتظم لتغطية فترات ذروة الاستهلاك ولضمان استقرار الشبكة ودعم الإنتاج.

وسيتم ربط هذه المحطة، التي يتولى القطاع الخاص تكلفة بنائها البالغة 120 مليار أوقية قديمة، بالشبكة الكهربائية عبر محطة تحويل بجهد 225/33 كيلوفولت لنقل الطاقة بأمان إلى منشآت الشركة الموريتانية للكهرباء.

ويهدف هذا المشروع الاستراتيجي، الأول من نوعه في بلادنا، إلى التحكم في تكلفة الإنتاج، ودعم تنافسية قطاعات الصناعة والتعدين والزراعة من خلال توفير طاقة موثوقة، وخلق فرص عمل، ونقل الخبرات الفنية للمهندسين والفنيين الموريتانيين، وخفض التلوث، والالتزام بمسار استغلال مواردنا الوطنية الوفيرة من الطاقات المتجددة.

وستمكن هذه المحطة كذلك من معالجة النقص الآني في قدرات الإنتاج الكهربائي، والإسهام في الانتقال الطاقوي، وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحسين الولوج إلى كهرباء موثوقة وبكلفة أقل، ودعم التنمية الاقتصادية والتصنيع.

وسيعمل المشروع، الممول من طرف عدة مؤسسات خاصة تضم الشركة المطورة (IWA Energy) بنسبة 20%، والمؤسسة المالية الدولية(IFC)، والبنك الإفريقي للتنمية(BAD)، والبنك الشعبي الموريتاني(BPM) بنسبة 80%، بموجب عقد امتياز لمدة 15 عاماً، تنتقل بعدها ملكية المحطة بالكامل إلى شركة صوملك.

وتستند هذه المحطة الهجينة إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية الاستثنائية التي تمتلكها بلادنا التي تتوفر على إمكانات شمسية ورياحية من بين الأعلى في العالم، مما يوفر ظروفا مواتية بشكل خاص لتطوير بنى تحتية للطاقة المتجددة على نطاق واسع.

ويجسد إطلاق هذا المشروع رغبة السلطات الموريتانية في تسريع عملية التحول الطاقوي، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، وتعزيز أمن إمدادات الكهرباء لصالح السكان والاقتصاد الوطني.

ومن المتوقع أن تستمر أعمال بناء هذا المشروع، الذي يتماشى مع استراتيجية الحكومة الرامية إلى تعزيز استخدام الطاقة المتجددة، مدة اثني عشر شهرا تقريبا، مع بدء الإنتاج الفعلي في الربع الأخير من عام 2026.

وسيخلق هذا المشروع الهيكلي مسارا جديدا في تحول قطاع الكهرباء يعتمد على مقاربة قائمة على إدماج القطاع الخاص في الاستثمار في البنية التحتية الكهربائية، وتكريس السيادة في مجال الطاقة مما يتيح إطلاق مشاريع طاقوية كبرى دون اللجوء إلى القروض أو الديون الخارجية أو حتى صرف ميزانيات الدولة.

جرت وقائع وضع الحجر الأساس بحضور معالي الوزير الأول، السيد المختار ولد أجاي، ورئيس الجمعية الوطنية، السيد محمد بمب مكت، ورئيس المجلس الدستوري، السيد ديالو ممادو باتيا، والوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، والوزيرة المستشارة برئاسة الجمهورية، وأعضاء الحكومة، ووالي نواكشوط الشمالية، ورئيسة جهة نواكشوط، وحاكم مقاطعة توجنين، وعمدة بلديتها، والمنتخبين المحليين، وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى موريتانيا.